top of page

حرمون وبإسمه الحديث جبل الشيخ (العمامة) كناية إلى الرأس المكلل بالثلج كما يكلل اللون الأبيض رأس الشيخ.

عرّفه جغرافيو العرب بجبل الثلج، وقد تكون هذه التسمية ترجمة لإسمه في الآرامية "طور تلجا".

هو أعلى جبال السلسلة الشرقية في لبنان، التي تمتد على الطرف الشرقي لسهل البقاع، بطول 170 كم.

عُرف جبل حرمون (الشيخ) عند الكنعانيين بـ "بعل حرمون" وكان هذا الجبل مقدسا للإله بعل حرمون الذي ظلت عبادته معروفة إلى زمن طويل وهو مذكور في الكتاب المقدس- العهد القديم  كـ "بعل – حرمون".

سمّاه الأموريون "شنير"، والفينيقيين "سيريون" وكانوا يحجّون إلى جبل حرمون أواخر الصيف لتقديم القرابين.

كما عُرف بـ "الجبل الأبيض المقدس" و"الأولمبوس" أو أعلى قمة في العالم، وأقدس الأماكن العظيمة المرتفعة بالنسبة لليونان الإغريق الأقدمين.

إعتبرت حضارات كثيرة أن هذا الجبل هو مصدر سلام ويوفر كل شيء فكانوا يُنَظِمون زيارات دينية ومواكب سير في آخر موسم الصيف، بعد الحصاد للدعاء لجعل الموسم خصب ووافر في المستقبل.

ولم ينحصر تقديس القمة بمكانٍ عالٍ أو حائطٍ يدور حوله الحجاج ومعبد روماني بل إن جوانب الجبل وتلاله قد إمتلأت بسلسلة من المعابد عُرفت بمعابد حرمون فأصبح رمزاً للسياحة الدينية لدى الطوائف المسيحية.

تقول الروايات أن السيد المسيح جاء الى جبل حرمون متخذاً إتجاه نهر الأردن إلى الشمال وصولاً إلى منبعه، وعاش في الجوار لمدة من الزمن هرباً من الإضطهاد. وقيل أن السيد المسيح كان يصعد الى الجبل من هذه الأماكن عبر غاباته باحثاً عن السلام، والتأمل والإنفراد. كما أن حدثاً مهماً آخر وقع على تلال جبل حرمون، وهو عندما تجلي السيد المسيح أمام تلامذته وظهر النبيان موسى والياس الى جانبيه.

إلى جانب موقع بانياس اليوم في القسم الجنوبي من جبل حرمون (الحدود السورية مع لبنان وفلسطين) يوجد مغارة تدعى "بانوين" وتَعني مقر الألهة، بعد مرور الزمن عُرف المكان بـ "قيصرية فيليبي"، وقد وَصفت بعض المخطوطات الإغريقية هذا المكان بأنه مدينة اللجوء أو المأوى.

كما توجد في بانياس مغارة أخرى فيها عين للمياه تدعى تقليدياً عند الطائفة المسيحية بـ"مغارة السيد المسيح".
على إحدى هضاب جبل حرمون تم تكريس إيمان القديس بطرس الرسول.

 

وفي عهد البيزنطيين شُيدت دور رهبان وكنائس كثيرة وهناك الكثير من الأثار التي لا تزال موجودة ومبعثرة في مختلف القرى تدل على ذلك.

قصر شبيب أو قصر عنتر هو أعلى قمة في جبل حرمون (الشيخ) حيث يبلغ إرتفاعه  2,814م عن سطح البحر
وهو عبارة عن قصر قديم رائع بقي منه بعض الأثار، فقد ورد أن الملك شبيب، كان يأتي من اليمن ليقضي الصيف في هذا القصر. إضافة إلى هيبته الكبيرة، يبدو للرائي الجوّال في هضابه وأوديته وتضاريسه المدببة والمسطحة لوحة مدهشة الألوان والانعكاسات. فأي إطلالة عليه تضفي لوناً مختلفاً يتبدّل ويتنوّع في النهار الواحد بتبدل الساعات ومواقع الشمس. هذا التنوع يبلغ ذروته عندما تميل الشمس إلى المغيب، فتتحوّل السمرة التي تغلب على الجبل إلى صفراء، وتغدو تربته بنفسجية، ينعكس عليه الشفق، فتغدو حمراء فاتحة، ثم ينمحي المشهد المزخرف عند هبوط الليل وتتوشى على تلك الكتل السامقة بالضوء الفضي تحت ضوء القمر المنسكب عليها من السماء.

وهو مكان مميز يقصده السياح من أجل رؤية شروق الشمس وغروبها في مشهد بانورامي طبيعي، والسهر مع القمر.
 

حيث تبدو لهم أيضاً بادية الشام ( صحراء دمشق ) الى الشرق وغروب الشمس بإتجاه البحر المتوسط الى الغرب .

أعاد الأمير نجم الشهابي إعمار قسم من المعبد على قمة الجبل ( قصر عنتر ) وحوَله الى قصر صيفي في سنة 1185 كما آلف قصيدة عن إقامته على القمة .

دخل الإسلام الى تلك المنطقة في عهد الأمويين، وشُيدت عدة جوامع في ذلك الوقت وأهمها مقام النبي ابراهيم في مشهد الطير وقد وردت قصة مشهد الطير في القرآن الكريم (الجزء الثالث من سورة البقرة-آية 260 ) عندما طلب إبراهيم من الله عز وجل أن يريه كيف يُحي الموتى.

من الناحية التوحيدية الدرزية يُعتبر جبل الشيخ موقعاً درزياً بالغ الأهمية، كما أن خلوات البياضة الواقعة مقابل سفحه الشمالي، وضريح الشيخ الفاضل (محمد أبي هلال) في عين عطا وهو أحد كبار الدعاة الأولياء الأتقياء لدى الدروز، والأماكن الدينية الأخرى تدلّ على الرابطة القوية بين الجبل وبين المواطنين الدروز، وقد كان المشايخ والأتقياء يتسلّقون قممه ليتعبدوا فيه وليقضوا أوقاتا في الخلو والتأمل والصلوات.

يمكن القول أن جبل حرمون (الشيخ) الذي عُبد في العهود الوثنية هو في آن معاً ملتقى الأديان السماوية الموحدة.

يمتاز حرمون بغطاء عشبي كثيف متنوع نادرا ما يعرف اليباسة بفعل الوشاح الثلجي الأبيض الذي يغطي المنطقة معظم أيام السنة. ومنها ما هو صالح للأكل كـ الخبيزة والهندباء والرشاد والشومر والزعتر والعكوب وقرص العني والمشة وهي أعشاب برية مفيدة جداً ومنه ما هو صالح للحيوانات وآخر يدخل في عداد الأعشاب الطبية الفريدة، حيث يمكن وصف حرمون بالصيدلية الطبية الغنية بأصناف لا تتوفر في أي مكان في العالم يقصدها العرب والأجانب من أماكن بعيدة، في سياق ما يصح تسميته بالسياحة العلاجية. ويروي المسنّون أن المغاربة كانوا يقصدون جبل الشيخ في الخمسينات، للحصول على عشبة قاتلة للأمراض، ونجد فيه شرش الزلوع.

كانت الثلوج تُنقل من قمة الجبل على ظهور البغال وتُستخدم في صناعة البوظة حيت كانت تصل الى مصر بواسطة المراكب من عكا وحيفا.

 

تجدر الإشارة أن بإمكان الزائر تسلق الجبال بمرافقة مجموعة مدربة من أدلاء محليين.
 

إضافة إلى ممارسة رياضة المشي إنطلاقاً من المطاحن وصولاً الى عين الجوز والى وادي جنعم صعوداً الى جبل حرمون.

جبل حرمون (الشيخ):

 

bottom of page